لينا ،،،، كانت أختي تمثل لأبي سبب وجودياً كي يعيش من أجله وكنت أغار منها بطريقة لا توصف منذ ولادتها حتى وعينا وكبرنا وهو يفضلها علي بل علينا جميعاً وفي مقدمتنا نفسه.لينا سقطت لكن دمها كان يغني …. كانت لا تنام إلا بين ذراعيه وإذا حاولت ان أتكلم يوبخني ويقول لي: “اخفض صوتك اختك تريد ان تنام”.أسمعه كل ليلة إذا أوى إلى فراشه يكلم شخصاً ما. بدايةً كنت أعتقد أنه يناجي الله أن يغفر له إلى أن سمعت كلماته وهو يقول: “طمأنيني كيفك اليوم إن شاء الله بخير، أمك وستك وسيدك بخير، اليوم مات فلان، طمأنيني عليه كيف وضعه، طيب الحمد لله؟”دلفت إليه ذات ليلة وسألته بعد ان مللت هذا الحوار اليومي من تكلم يا أبي؟ ألم تمل؟ أختي ماتت يا ابي. ليرد علي قائلاً: “اخفض صوتك، أختك تريد النوم”.ما بين لينا النابلسية ١٩٧٦ ولينا الغزاوية ٢٠٢٣ نفس الوطن، ونفس المحتل .. نفس القاتل، ونفس الضحية .. ولينا تسلم لينا وهذه الدماء تداوم على الغليان. ما زال دم لينا ثاني شهيدات نابلس بعد احتلالها يسيل في اعماق الأرض، وروحها تستقبل الشهيد تلو الشهيد. كم لينا على هذا الوطن أن يقدم، وكم طفلة بريئة يجب ان يقدم لهذا الوحش الكاسر، الذي لا يميز بين بشر وحجر. ما زال دم اللينات يغني للجسد المصلوب الغاضب .. للقدس ويافا وأريحا وللشجر الصامد في غزة ….. دمهن يصنع ثورة.لن يكسرنا هذا العدوان فنحن دائماً من تحت الركام نخرج ونستفيق والي نصرنا نعرف الطريق. سيبقى دم الشهيد شاهداً علينا وعلى عهدنا وولائنا لدماء الشهداء.