شخصية كفرعانية

الشهيد القائد جهاد محمد خليل حمو (جهاد كارلوس) من الشخصيات الكفرعانية البارزة التي سطّرت اسمها في سجلّ النضال الوطني بأحرفٍ من نور، وعاشت حياتها مثالًا للتضحية والعطاء والإيمان العميق بالقضية. كان رجلًا جسّد معنى الانتماء والوفاء، وحمل همّ وطنه في قلبه حتى آخر لحظة من عمره القصير الزاخر بالعزم والإصرار. وُلد الشهيد جهاد حمو عام 1949 أثناء رحلة النزوح بعد النكبة واحتلال قرية كفرعانة، تحت شجرة زيتون في قرية دورا القرع على الطريق إلى قرية بتلو، في ظروف صعبة عاشتها العائلات الفلسطينية المهجّرة، متنقلة بين القرى والمخيمات بحثًا عن ملاذ آمن. فقد كانت أسرته تكابد قسوة النزوح وفقدان الديار، ومع ذلك كان هذا الواقع يعكس أيضًا تشبّث الشعب الفلسطيني بأرضه وتمسّكه بحقوقه رغم الصعاب والتهجير القسري، وهو ما يُظهر صلابة إرادة هذا الشعب وإيمانه العميق بعدالة قضيته وحقّه في العودة إلى وطنه. انتقل مع عائلته إلى الأردن واستقرّ في مخيم الوحدات في عمّان، وهناك نشأ بين أزقّة المخيم التي حملت في طياتها حكايات اللجوء والكفاح. أتمّ دراسته الإعدادية في مدارس وكالة الغوث في المخيم، ثم أنهى دراسته الثانوية في كلية الحسين بالعاصمة عمّان. واصل الشهيد طريق العلم، فالتحق بـ كلية المعلمين التابعة لوكالة الغوث، وتخرّج منها حاملاً دبلومًا في الرياضيات، ليعمل بعد ذلك معلّمًا في مدارس الوكالة، ناشرًا العلم بين أبناء المخيم حتى عام 1974، فكان المربّي والمعلم والمثقف المؤمن برسالته تجاه الأجيال القادمة.وفي عام 1974، غادر الشهيد جهاد حمو الأردن متوجّهًا إلى لبنان، عند تشكيل جبهة الرفض، وتولّى القيادة العسكرية للجبهة في جنوب لبنان. وفي يوم 17 آذار 1978، ارتقى الشهيد جهاد حمو إلى العلا في بلدة عدلون الواقعة بين صيدا وصور، خلال عملية بطولية واجه فيها كمينًا تابعًا لـ قوات الكوماندوز البحري التابعة لدولة الاحتلال، فسقط شهيدًا على أرض الجنوب. وقد نُقل جثمانه الطاهر إلى الأردن، حيث شيّعه جمعٌ غفير من الجماهير إلى مثواه الأخير في مقبرة سحاب، في مشهد مهيب عبّر عن مكانته الكبيرة في قلوب الناس، وعن حبّهم واعتزازهم بهذا القائد الذي عاش كريمًا ومات شهيدًا. نسأل الله تعالى أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يرزقه أعلى عليين في جنات النعيم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يجعل دمه الطاهر شفيعًا له وذخرًا لأمّته، وأن يكتب له أجر المجاهدين الصادقين الذين باعوا أنفسهم لله ابتغاء مرضاته ورفعة كلمته.