أكد مسؤول فلسطيني “مضيّهم في مسار الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية”، حيث “ينتظرون انقضاء الفترة الزمنية المحددة لمتطلبات العضوية في آذار (مارس) المقبل إيذاناً برفع قضايا ضد الاحتلال الإسرائيلي، تحت باب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
وتضمنت وثيقة الانضمام، التي تم تسليمها مؤخراً إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بعد توقيعها من قبل الرئيس محمود عباس، طلباً للمدعي العام بالعودة عند البحث في جرائم الاحتلال الصهيوني إلى سنة 2002، وهي سنة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية وممارستها لأنشطتها.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، إن “الجانب الفلسطيني لن يتراجع عن موقفه، تحت طائلة العقوبات الإسرائيلية، والضغوط الأميركية على السلطة لثنيها عن التوجه إلى المحكمة”.
وأضاف إنه “تجري حالياً ترتيبات استكمال العضوية، تمهيداً لرفع القضايا ضد الجرائم والحروب المتتالية والاعتداءات على الأراضي والتوسع الاستيطاني، وكل الممارسات العدوانية التي ارتكبها الاحتلال، وما يزال، بحق الشعب الفلسطيني، من أجل محاسبته ومحاكمته”.
وأوضح بأنه “سيتم رفع تلك القضايا، عبر جهات مختصة، عند انتهاء المهلة الزمنية في آذار (مارس) المقبل، وذلك بعدما تم مؤخراً تسليم طلب الانضمام إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة”.
وبين أن “المحكمة تستقبل القضايا والشكاوى المقدمة من المواطنين أيضاً، بحيث سيصبح بمقدور الفلسطينيين رفع قضايا ضد قادة الاحتلال، والمطالبة بمحاسبتهم ومحاكمتهم”، لافتاً إلى أنه “سيتم اتخاذ الترتيبات اللازمة لتيسير ذلك”.
ومن الناحية الإجرائية؛ “يصدر عادة كتاب اعتماد من الدولة، أو الجهة المعنية، إلى مركز إيداع المعاهدة، بطلب الانضمام إليها، من دون وجود أي اجراءات أخرى”، وفق خبير القانون الدولي أنيس قاسم.
وقال، لـ”الغد”، إن “مفاعيل المعاهدة تبدأ بعد مضي 90 يوماً من تاريخ تقديم طلب الانضمام”، مبيناً أنه “في الحالة الفلسطينية سيتم الانتظار حتى نهاية شهر آذار (مارس) المقبل”.
وأوضح بأن “اختصاص المحكمة محدود في “جريمة الحرب” و”جرائم ضد الإنسانية”، التي صدر عليهما الكثير من الأحكام القضائية والتعريفات القانونية”.
أما “جريمة العدوان، الواقعة أيضاً ضمن اختصاصها، فيشوبها لغط شديد إزاء عدم توصل المجتمع الدولي ولجنة القانون الدولي في هيئة الأمم المتحدة، منذ أكثر من 60 سنة، إلى صياغة ماهيتها”.
وبين أن “مقصد الفلسطينيين الأساسي يتجه نحو “جرائم الحرب” و”جرائم ضد الإنسانية”، حيث لا توجد فروقات بينهما من حيث العقوبة، خلا الإجراءات المتباينة”.
ولفت إلى “امتلاك مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية كماً هائلاً من الوثائق التي تستخدم لإدانة مجرمي الحرب الصهاينة”.
وأوضح بأن “وثيقة الانضمام تضمنت طلباً إلى المدعيّ العام للرجوع في عملية البحث بجرائم الاحتلال إلى سنة 2002″، وهي سنة تأسيس المحكمة وممارستها لأنشطتها، حيث لا تستطيع النظر في الجرائم المرتكبة قبل وجودها”.
إلا أن ذلك لا يمنع، بحسب قاسم، من “ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وكفر قاسم، وغيرها العديد من الجرائم المقترفة، منذ ما قبل العدوان الصهيوني العام 1948، لكن ليس أمام تلك المحكمة”.
وبين بأنه “يمكن ملاحقتهم أمام محاكم وطنية هولندية أو بريطانية، مثلاً، والتي يتوفر فيها تشريعات وطنية تعترف بالولاية الدولية لجرائم الحرب، بحيث تعطي لمحاكمها الحق في النظر في دعاوى تقام على أي مجرم حرب حيثما كان زمنياً ومكانياً”.
ودعا إلى ضرورة “تشكيل هيئة فلسطينية مستقلة، بجهازها وميزانيتها، تتولى موضوع ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، من دون الخضوع للتأثيرات السياسية”.
وأشار إلى أن “المواطنين يستطيعون، كما الدول، من خلال هيئات مختصة رفع قضايا ضد مجرمي الحرب الصهاينة، ومنهم القادة والأفراد، الذين اشتركوا وخططوا ونفذوا وأعطوا الأوامر فيما يتعلق بكل جرائم الحرب، كما ترفع القضايا أيضاً ضد الاستيطان ونهب الأراضي والأسرى”.
وحول مصير نتائج المحكمة إذا تم المضي في مسارها، قال قاسم إن “الكيان الصهيوني غير موقع على ميثاق المحكمة، وبالتالي تستطيع المحكمة توجيه مذكرة للمثول أمامها في القضايا المنظورة وقد يرفض الامتثال إلى ذلك، ولكن عندما يذهب أيّ منهم إلى أي دولة موقعة على المعاهدة فسيكونوا معرضين لتقديمهم للمحاكمة”.